يمكن تعريف هندسة المعلومات (Information Architecture) بأنها: عملية هيكلة محتوى المنتج الرقمي بطريقة منطقية وضمن سياق معين، لمساعدة المستخدم المستهدف للوصول إلى المحتوى بكل سهولة.
ومن التعريف السابق يمكن تصور العناصر الأساسية المكوّنة لهندسة البرمجيات، وهي كما يلي:
1. المحتوى Content: ويعني المعلومات المتوفرة التي يتطلّب إيصالها للمستخدمين أو المعلومات غير المتوفّرة والتي يتوجّب الحصول عليها.
2. السياق Context: ويعني طبيعة المعلومات المتوفرة من حيث ارتباطها بأهداف محددة، كأهداف شخصية أو أهداف تجارية.
3. المستخدم User: ويحدد هذا العنصر خصائص المستخدم المستهدف واحتياجاته وعلاقته بالمحتوى.
وقد ارتبطت هندسة المعلومات قبل ظهور الويب بعمليات تطوير البرمجيات، وكانت تتم عادة بواسطة مطوري البرمجيات أو الـ Software Developers، واستمرت تطبيقات هندسة المعلومات على هذا النحو حتى بعد ظهور الويب، إلا أن الحاجة المتزايدة في خلق تجربة مستخدم جيدة وانعكاس ذلك كله على نجاح المنتجات الرقمية الحديثة جعل مهمة هندسة المعلومات تصبح ضمن مهام تصميم تجربة المستخدم UX Design، وتأثرت هندسة المعلومات الحديثة بسمات تجربة المستخدم تبعًا لذلك، وعلى وجه الخصوص في ظهور التعاطف أو الـ Empathy بشكل واضح في عمليات وتطبيقات هندسة المعلومات المختلفة.
وبسبب التغييرات السابقة أيضًا، بات يُستخدم مسمّى مهندس تجربة المستخدم أو UX Architect كمسمّى حديث لوصف الشخص المتخصص في هندسة المعلومات جنبًا إلى جنب مع المسمّى المعروف بـ"مهندس المعلومات" أو الـ Information Architect.
هندسة المعلومات الجيدة تقود المستخدمين للمعلومات المطلوبة بسهولة، وتسمح للمنتج الرقمي بأن يُحدث التأثير المطلوب على المستخدم بواسطة المعلومات أو الخدمات التي يقدمها.
تمر عملية هندسة المعلومات ضمن تجربة المستخدم بعدة خطوات تساعد على تحقيق هندسة معلومات ناجحة للمنتج الرقمي وهي على النحو التالي:
على الرغم من أن هندسة المعلومات تدخل ضمن اختصاص فريق تجربة المستخدم إلا أن ثمة ضرورة لمشاركة غيرهم، وبواسطة المشاركين من غير مصممي تجربة المستخدم تكتسب هندسة المعلومات نضجًا أكبر عند بنائها.
وبشكل عام فإن مهارات التعاطف والاتصال والقدرة على جمع وتحليل المعلومات من أهم المهارات التي يجب توفرها في الفريق الذي يعمل على هندسة المعلومات.
أما عن الأشخاص الذين يمكن أن يشاركوا في عملية هندسة المعلومات فهم:
لأن العمل على هندسة المعلومات يستلزم وضوح السياق المطلوب، فإن مشاركة محلل الأعمال أمر هام جدًا نظرًا لكونه ملمًا باحتياجات العمل التجاري Business needs، ويشمل ذلك الأهداف التي يتطلع إليها المستثمرون أو أصحاب المنظمة من خلال المنتج الرقمي، إلى جانب ثقافة المنظمة التي تسعى لنشرها، وكذلك أي قيود تجارية يجب استحضارها.
يقوم مصمم تجربة المستخدم بتنفيذ العمليات المتعلقة باستخلاص السياق واحتياجات المستخدمين من خلال أبحاث المستخدم، ومن ثم بناء النماذج الأولية واختبارها، وقد يحتوي فريق تصميم تجربة المستخدم على فرد متخصص في هندسة المعلومات وهو مهندس تجربة المستخدم أو الـ UX Architect.
أو قد يكون كاتب المحتوى Copywriter في حال عدم توفر كاتب تجربة مستخدم، وتكمن أهمية تواجد كاتب المحتوى ليتعرّف على طبيعة السياق والمستخدم، وكذلك لمشاركته المهمة في إنشاء المحتوى الذي يساعد في هندسة المعلومات بطريقة فعّالة تؤدي الغرض المطلوب للمستخدم وللمنتج الرقمي.
من المهم تواجد مطور الويب أو التطبيقات أثناء عملية هندسة المعلومات، إذ يستطيع منح مصممي تجربة المستخدم تصورات واقعية عن الشكل النهائي للمنتج الرقمي، إلى جانب توضيح أي مشاكل تقنية قد تواجه المنتج حال تنفيذ عمليات التطوير.
يمتلك مدير المنتج نظرة شاملة للمنتج الرقمي ويمكنه من خلال تلك النظرة التحكّم في سير عمليات هندسة المعلومات بحيث لا تخرج عن الطريق المرسوم لها.
يساعد اجتماع المشاركين في هندسة المعلومات على خلق صورة واضحة للسياق المطلوب وعلى رأس ذلك هدف المنتج الرقمي، ويجب أن يكون الهدف واضحًا وقابلاً للقياس، ومن أمثلة الأهداف التي يمكن تحديدها في سياق العمل على هندسة المعلومات:
التعاطف Empathy والاتصال والقدرة على جمع المعلومات وتحليها من أهم صفات العاملين على هندسة المعلومات
تعتمد عملية البحث في هندسة المعلومات على عدد من العوامل منها:
وقبل البدء في عملية البحث لا بد من القيام بتحديد العينة المستهدفة وأيضًا نوعية البيانات المطلوبة..
قبل البدء في عملية البحث لا بد من تحديد الفئة المستهدفة من البحث وكذلك استحضار الأهداف التي حُددت مسبقًا للمنتج الرقمي، فقد يكون الهدف المحافظة على المستخدمين الحاليين وتحسين تجربتهم، وقد يكون الهدف استقطاب شريحة مختلفة من المستخدمين، ولكل هدف من هذه الأهداف شريحة مختلفة من المستخدمين المفترضين للاختبار.
ويمكن أن تكون البيانات المطلوبة أحد النوعين التاليين أو كليهما:
1. البيانات النوعيّة (Qualitative Data): وهي بيانات وصفية لا ترتبط بأي أرقام ويمكن من خلالها تكوين نظرة مبدئية عن سلوك المستخدم وبناء على تلك النظرة يمكن وضع افتراضات جديدة واختبارات محددة تساعد في الحصول على النوعي الثاني من البيانات وهي البيانات الكمية، ومن أمثلة البيانات النوعية، تفضيلات المستخدم، وكذلك أسبابه الشخصية لاستخدام المنتج الرقمي.
2. البيانات الكميّة (Quantitative Data): وهي البيانات الممثّلة بالأرقام والتي يمكن من خلالها قياس شيء محدد ومن ذلك عدد الخطوات التي يقوم بها المستخدم قبل عملية الشراء في المنتج الرقمي، وكذلك الوقت الذي يقضيه المستخدم في صفحة منتج ما.
بناء على طبيعة البيانات المطلوبة (كمية أو نوعية)، وكذلك بناء على عينة المستخدمين المتوفرة للبحث يمكن استخدام الطرق التالية لجمع البيانات اللازمة لعملية هندسة المعلومات:
وهي مناقشات فردية مع المستخدمين، يمكن أن تكون معدة أو أن تكون ارتجالية، وتعد المقابلات طريقة مهمة لاستخلاص البيانات النوعية خاصة في حال عدم توفّر أي بيانات سابقة توجه الباحث تجاه الطريقة الأكثر ملائمة لإجراء البحث.
يُطلب من المستخدم أثناء تطبيق الدراسات اليومية تسجيل تجربته مع المنتج خلال فترة محددة -يوم أو أكثر-، حيث يقوم بتسجيل جميع تفاعلاته مع المنتج سواء كان ذلك بالتدوين أو بالتسجيل الصوتي أو المرئي، وتشترك الدراسات اليومية مع المقابلات في أنها أيضًا تمنح الباحث بيانات نوعية يمكن تحليلها والخروج منها بفرضيات أخرى.
وهي مجموعة من الأسئلة التي تُقدّم للمستخدم ليجيب عنها سواء كانت على الورق أو من خلال الإنترنت، ويمكن عن طريق الاستطلاعات الحصول على بيانات كمية ونوعية، وعادة ما تكون الأسئلة المفتوحة التي لا تليها اختيارات محددة وسيلة للحصول على البيانات النوعية، في حين تكون الأسئلة المغلقة وسيلة لاستخلاص البيانات الكميّة.
وهي مناقشة جماعية مع عدد معين من المستخدمين عادة لا يزيد عددهم عن تسعة أشخاص ولا يقل عن خمسة، ويساعد الحديث والنقاش مع عدد كبير من المستخدمين في الحصول على بيانات نوعيّة متنوعة عن سلوك المستخدم.
من خلال عملية الملاحظة يمكن تدوين الملاحظات عن المستخدم أثناء قيامه باستخدام المنتج الرقمي، لتُستخدم الملاحظات فيما بعد لاستخلاص بيانات كمية أو نوعية، حيث يمكن من خلال الملاحظة الحصول على كلا النوعين.
تعد عملية فرز البطاقات طريقة عمليّة للحصول على بيانات حول كيفية تفكير المستخدمين في المحتوى والفئات، ومن خلال فرز البطاقات يتم تزويد المستخدمين ببطاقات يُكتب عليها عناوين المحتوى ويُطلب منهم ترتيبها بالطريقة التي يرونها منطقية، وبعد الانتهاء من الترتيب يتم وصف المسارات التي تكونت من المستخدمين والمقارنة بينها، وتساعد النتائج المستخلصة في تحديد بنية المعلومات الأكثر قبولاً بين المستخدمين.
تعرفنا من خلال هذه التدوينة على ماهية هندسة المعلومات (IA) وكذلك عن علاقتها بتجربة المستخدم (UX) وصور تطبيقاتها في المنتجات الرقمية، وسنستكمل في الجزء الثاني من هذه التدوينة بقية الخطوات المستخدمة في عملية هندسة المعلومات.