10
مايو
2021
مبادئ التصميم الجشطالتية وتطبيقاتها في تصميم الواجهات
تتطرق النظرية الجشطالتية إلى تفسير كيفية إدراك العقل للمؤثرات المختلفة ومن ذلك المؤثرات البصرية، وتُعرّف هذه المقالة بمبادئ هذه النظرية وعلاقتها بالتصميم.
معنى جشطالت
قد تبدو كلمة جشطالت غريبة بعض الشيء وذلك يرجع لكونها ألمانية في أصلها (Gestalt) وتعني (شكل)، والنظرية الجشطالتية نظرية قام بوضعها مجموعة من علماء النفس الألمان في عشرينيات القرن الماضي، وتهدف هذه النظرية إلى تفسير كيفية إدارك العقل للمؤثرات المختلفة من حوله، وفي هذه المقال سيكون الحديث مقتصرًا على الجانب البصري من المؤثرات والذي له علاقة بالتصميم كمجال واسع وكذلك بتصميم الواجهات كمجال متخصص.
المبادئ الجشطالتية الستة
تتضمن النظرية الجشطالتية ستة مبادئ تحاول أن تُفسر كيفية إدارك العقل للمؤثرات، وعلى الرغم من وجود مبادئ أخرى ترتبط بالنظرية الجشطالتية إلا أن هذه المبادئ الستة هي الأهم والأكثر شهرة، وهي:
1- التشابه Similarity
ويعني هذا المبدأ أن الإنسان يتعامل مع العناصر المتشابه على أنها تنتمي إلى مجموعة واحدة وذلك بسبب صلة التشابه فيما بينها.
وقد يكون التشابه راجعًا إلى الشكل أو اللون أو كليهما معًا، وتُظهِر الوحدة اللونية قدرًا كبيرًا من التأثير البصري الدال على الانتماء لمجموعة واحدة، وسنلاحظ في الشكل التالي أن العين تتوجه إلى مجموعة الألوان الزرقاء على الرغم من وجود أشكال غير دائرية في المجموعة.
كيف يمكن الاستفادة من مبدأ التشابه في تصميم الواجهات؟
أحد أشهر تطبيقات مبدأ التشابه في تصميم واجهات المستخدم توحيد شكل ولون حقول الأدخال، أو الأزرار، على نحو يسمح للمستخدم أن يدرك أن لعناصر الواجهة المتشابه دورًا وظيفيًا متشابهًا في النظام أو الواجهة، فعلى سبيل المثال في الصورة التالية مجموعة من أزرار الاختيار تتشابه في شكلها، وهو ما يجعلها تتعلق بموضوع معين وهو طريقة الدفع، وبهذا يمكن فصلها بصريًا عن أي عناصر أخرى لا تتعلق بالدفع.
2- الاستمرارية Continuation
يعني هذا المبدأ أن العين تتعامل مع العناصر الموزّعة على مسار مستقيم أو منحنٍ بأنها تقع ضمن مجموعة مترابطة، وذلك على خلاف العناصر الموزعة بطريقة عشوائية، ويمكن ملاحظة هذا المبدأ من خلال الشكل التالي:
مبدأ الاستمرارية في تصميم الواجهات
عند تصميم الواجهات سيكون من السهل إنشاء علاقة بين العناصر بوضعها على مسار واحد، فعلى سبيل المثال في الشكل التالي مجموعة من الكروت وضعت على مسار مستقيم واحد ما يجعلها تنتمي إلى مجموعة واحدة.
3- الإغلاق Closure
يفسر هذا المبدأ قدرة العقل البشري على إكمال النقص -أو الإغلاق- في الأشكال من حوله، فعلى سبيل المثال لو رسمنا دائرة ومسحنا جزءًا صغيرًا منها ستبقى في نظرنا دائرة ولن يغير وجود جزء ناقص من حقيقتها الدائرية في نظرنا.
الإغلاق في تصميم الواجهات
ربما تكون الإيقونات أحد أبرز تطبيقات مبدأ الإغلاق، حيث تظهر الإيقونات بشكل مختصر قليل التفاصيل ومع هذا يمكن للعقل إدراك معناها وإغلاق شكلها ليكون تامًا في المخيلة، وفي الشكل التالي صور لبعض الإيقونات التي يمكن تمييزها من خلال مبدأ الإغلاق وإن لم تُرسم بشكل كامل.
4- القرب Proximity
يفترض العقل البشري وجود علاقة بين العناصر المتقاربة وإن اختلفت في اللون أو الشكل، في حين يعكس التباعد بين العناصر غياب العلاقة أو ضعفها، كما في الشكل التالي:
القرب في تصميم الواجهات
يعد القرب أحد أهم المبادئ المستخدمة في تصميم الواجهات، فمن خلال هذا المبدأ يمكن بناء هيكلة الواجهات بطريقة صحيحة، فالعناصر ذات العلاقة تكون متقاربة ليعبّر هذا التقارب عن وحدتها الموضوعية أو الوظيفية، مثال ذلك التقارب بين حقول الإدخال والأزرار يدل على أنها ضمن علاقة ووظيفة واحدة.
5- الشكل والخلفية Figure/ground
يدور هذا المبدأ حول طريقة العقل في فرز الأشكال على هيئة طبقات، بحيث يحدد الأشكال التي في المقدّمة (أو الأعلى) والأشكال التي في الخلفية (أو الأسفل)، ويعتمد العقل في عملية الفرز والتفرقة بين المقدمة والخلفية على مقدار التباين بين الأشكال، فكلما زاد التباين كان بالإمكان التفرقة بينهم بسهولة. مثال ذلك شعار شركة أبل (التفاحة) حيث يُفهم من شكل التفاحة أنها في المقدمة بينما يمثل الجزء المقطوع منها الخلفية.
الشكل والخلفية في تصميم الواجهات
عند استخدام هذا المبدأ في تصميم الواجهات لا بد من استحضار التباين اللوني الجيد والذي يساعد في تمييز الأشكال والتفرقة بين المقدمة والخلفية، مثال ذلك عند كتابة نص على صورة لا بد من جعل النص واضحًا، شديد التباين عن الخلفية ليستطيع المستخدم الانتباه له والتفريق بينه وبين الصورة.
6- التناظر والنظام Symmetry and Order
ويعني هذا المبدأ أن العقل بطبعه يبحث عن التوازن والنظام عند النظر إلى الأشكال المختلفة، وعندما تكون الأشكال منظّمة تسهُل مهمة العقل في إيجاد هذا التوازن وفي استيعاب طبيعة الأشكال والعلاقة فيما بينها، ومثال ذلك الأشكال المتناظرة حيث يمكن الوصول إلى مركزها ومعرفة طبيعة الشكل من هذا التوازن الذي يتمحور حول المركز.
في الشكل التالي مجموعة من الأشكال المتناظرة، وبسبب هذا التنظيم التناظري يمكن الربط بين العناصر المتناظرة أكثر من غيرها.
التناظر والنظام في تصميم الواجهات
هذا المبدأ يقترب كثيرًا من مبدأ التشابه Similarity الذي تحدثنا عنه في هذا المقال، لهذا قد تكون تطبيقات هذا المبدأ في تصميم الواجهات تشبه تطبيقات التشابه، مثال ذلك مجموعة من البطاقات المتشابه هي في واقع الأمر أيضًا متناظرة ولهذا يتم اعتبارها ضمن مجموعة وعلاقة واحدة.
ختامًا..
لأن المبادئ الجشطالتية تهتم بكيفية إدارك العقل البشري للمؤثرات بشكل عام وعلى رأس ذلك المؤثرات البصرية فإنها مهمة للغاية في تصميم الواجهات، وفهم هذه المبادئ واستخدامها بحكمة هو الحد الأدنى لإنتاج واجهات جميلة تؤدي غرضها الوظيفي الذي يراعي المستخدم وطبيعة إداركه للأشكال من حوله.