تهيمن التكنولوجيا على حياتنا، وتدخل في تفاصيلها، ،وبات استخدام تطبيق على الهواتف الذكية أو على شبكة الإنترنت جزءًا لا يتجزأ من ممارساتنا اليومية التلقائية، وحتى نفهم بشكل أكبر سبب نجاح التكنولوجيا في تكوين علاقة جيدة مع الإنسان سيكون لزامًا علينا أن نفهم معنى تجربة المستخدم، ذلك المصطلح الذي بات جزءًا من قصص نجاح الشركات التقنية الكبرى، وسنحاول من خلال هذه التدوينة التعرّف على مفهوم تجربة المستخدم والمجالات المرتبطة به.
يمكن لمصطلح تجربة المستخدم أن يعني أشياء كثيرة، من ذلك سهولة استخدام منتج ما، أو طبيعة بنائه الجيدة، أو جودة الخدمة التي يقدمها، إلا أن التعريف الأكثر شهرة لتجربة المستخدم بأنها تصورات الفرد واستجابته الناتجة عن استخدامه لمنتج أو خدمة أو نظام ما.
على الرغم من قِدم مفهوم تجربة المستخدم واستخدامه في شركات كبرى كأبل ومايكروسوفت وتويوتا إلا أن مسمّى تجربة المستخدم لم يظهر إلا في عام 1993م وذلك عن طريق دون نورمان Don Norman أثناء عمله في شركة أبل، ومنذ ذلك الحين بدأ الاهتمام بالمصطلح بشكل أكبر في محاولة لوضع تصورات نظرية وعمليّة تساعد في استخدام المفهوم لصناعة منتجات سهلة الاستخدام.
يشير مصطلح التصميم المتمحور حول الإنسان Human Centered Design إلى منهجية تقوم على التركيز على الإنسان واحتياجاته أثناء مراحل التصميم المختلفة.
وتقترن تجربة المستخدم بالتصميم المتمحور حول الإنسان من حيث أن الإنسان واحتياجاته هو ما تدور حوله تطبيقات تجربة المستخدم، فلا بد من التفاعل مع الإنسان ودراسته للوصول إلى تجربة مستخدم جيدة.
يعني مصطلح التفكير التصميمي Design Thinking تلك العملية التكرارية التي تهدف إلى حل مشكلة ما متعلقة بالمستخدم، وهي تمر بخمسة مراحل:
وتتمثل العلاقة بين تصميم تجربة المستخدم والتفكير التصميمي في أن الأول يستخدم عملية التفكير التصميمي ومراحلها الخمس لحل مشاكل المستخدم وتقديم منتجات ملائمة له.
كثيرًا ما نرى هذين الاختصارين مجتمعين أو متفرقين، وكثيرًا ما يُظن أن لهما نفس المعنى، فماذا يعنيان؟
يمثل هذا الرمز اختصارًا لمصطلح User Experience ويعني تجربة المستخدم، وهو المصطلح الذي ابتدأنا هذه التدوينة بتعريفه وشرح معناه.
أما هذا الرمز فيمثّل اختصارًا لمصطلح User Interface أوما يُعرف بواجهة المستخدم وتُعرّف واجهة المستخدم بأنها كل ما يتفاعل معه المستخدم أثناء استخدامه لمنتج رقمي، ويتضمن ذلك العناصر المرئية كالأزرار بأشكالها، وحقول الإدخال، وكذلك العناصر الصوتية كما في أنظمة سيري Siri وأليكسا Alexa، إلى جانب عناصر الإشارة أو الإيماءة كما في أنظمة الواقع الافتراضي Virtual Reality.
يغطي مصطلح تجربة المستخدم عددًا من المجالات التي ترتبط بالمستخدم وعلى رأس تلك المجالات واجهة المستخدم وتصميمها، ويمكن القول أن واجهة المستخدم أو الـ UI هي جزء من تجربة المستخدم UX ولهذا فمن الخطأ التعبير عن تجربة المستخدم باستخدام الاختصار UI فلا يمكن للجزء أن يعبّر عن المصطلح الشامل أو الكل UX.
لا يزال مجال تجربة المستخدم يتنامى بشكل مستمر، وخلال العقدين الماضيين تطورت المجالات المرتبطة به وظهرت مجالات أخرى، وذلك عائد إلى التطور الكبير الحاصل في القطاع التقني الذي أثر في توسّع مجال تجربة المستخدم وزاد من مستوى نضجه.
ومن المجالات التي ترتبط بتجربة المستخدم ما يلي:
أو ما يعرف بالـ UI Design وأحيانًا تسمّى بالـ Visual Design، ويتعلق هذا المجال بتصميم كل ما يراه المستخدم ويتفاعل معه، سواء كان موقع ويب، أو تطبيقًا على الهواتف الذكية، أو نظامًا إلكترونيًا، ويعتمد مصمم واجهة المستخدم على مخرجات أبحاث واختبارات المستخدم وهندسة المعلومات ليستطيع تصميم الواجهات بشكل ملائم للمستخدم.
وهو جوهر تجربة المستخدم، فهو المجال المتعلق بفهم المستخدم وسلوكه وتفكيره، سواء باستخدام المقابلات الشخصية أو الملاحظة أو الاستبيانات أو غير ذلك من تقنيات البحث.
وفي هذا المجال يتم التركيز على كيفية تنظيم المعلومات بطريقة منطقية وملائمة للمستخدم بحيث يتمكن من الوصول إلى مراده بسهولة، ويمكن الاطلاع على هذه التدوينة للمزيد عن هندسة المعلومات وتطبيقاتها في تصميم تجربة المستخدم.
ويُعنى هذا المجال بطبيعة المحتوى ومدى ملاءمته للمستخدم، وتعتمد استراتيجية المحتوى على كاتب تجربة المستخدم UX Writer والذي يقوم بدور مهم في صناعة المحتوى واختباره للتأكد من جاذبيته وفائدته للمستخدم.
يتعلق هذا المجال بالجانب التخطيطي لممارسات تجربة المستخدم، حيث يعمل المتخصصون فيه على الموازنة بين احتياجات أصحاب المصلحة Stakeholders وأهداف المنتج الربحية وغير الربحية ورضا المستخدم أو العميل، وعليه يتم توجيه فريق تجربة المستخدم نحو الأهداف المشتركة التي تتضمن كل ما سبق.
يتعلق المجال هنا بدراسة واختبار وتحليل كيفية استخدام المنتج من قبل العملاء، فيتم جمع المعلومات المتعلقة بتجربة الاستخدام من حيث نجاحها أو فشلها، ومن حيث الوقت المستغرق لوصول العميل إلى مراده من المنتج وكذلك من حيث الرضا عن المنتج واستخدامه، وبناء على ذلك يتم اقتراح الحلول اللازمة لتحسين قابلية استخدام المنتج.
بعد الإطلاع على المجالات السابقة قد يتبادر إلى ذهن القارئ تساؤل عن المتطلبات العلمية والعملية للعمل كمصمم تجربة مستخدم؟.
في واقع الأمر ليس المطلوب من مصمم تجربة المستخدم أن يكون متخصصًا في جميع المجالات السابقة، فيكفي أن يكون لديه اطلاع عام على تلك المجالات مع تخصص جيد في واحد أو اثنين منها، فعلى سبيل المثال قد يكون مصمم تجربة المستخدم متميزًا في تصميم الواجهات واختبارات قابلية الاستخدام إلا أنه ليس بالمتعمّق في مجال أبحاث المستخدم، أو قد يكون مصمم تجربة المستخدم جيدًا في أبحاث المستخدمين وفي هندسة المعلومات ولكنه لا يجيد تصميم الواجهات ولا بأس في ذلك أيضًا، فمن الناحية العمليّة تحتوي فرق تصميم تجربة المستخدم الحديثة على أشخاص بتخصصات عدة، فعلى سبيل المثال:
قام بيتر مورفيل وهو مصمم ومهندس معلومات بوضع مخطط أطلق عليه قرص العسل Honeycomb ويهدف من خلاله إلى توضيح الجوانب المهمة في تجربة المستخدم خاصة للعملاء الذين يجهلون قيمة تجربة المستخدم ودورها في نجاح منتجاتهم.
ويتناول هذا المخطط الجوانب التالية:
فائدة المنتج أو الخدمة مرتبطة بتطبيقات تجربة المستخدم، فسهولة استخدام المنتج لا تكفي لنجاحه إن لم تكن للمنتج فائدة يلمسها المستخدم.
سهولة استخدام المنتج قنطرة إلى الاستفادة منه ومن مزاياه، وتعد سهولة الاستخدام واحدة من أهم الجوانب التي تدور حولها تطبقات تجربة المستخدم.
يؤثر شكل المنتج أو الخدمة وما يدخل في ذلك الإطار من الهوية والعلامة التجارية والسمات الجمالية في مقدار رغبة المستخدم في استخدام هذا المنتج.
في أي منتج أو خدمة، يجب أن يكون المستخدم قادرًا على العثور على احتياجه من المنتج دون عناء، ولهذا فإن جزءًا كبيرًا من تطبيقات تجربة المستخدم تدور حول نجاح المستخدم في العثور على مراده.
لا يمكن تجاهل ذوي الاحتياجات الخاصة عند بناء المنتجات أو الخدمات، فهم شريحة مهمة في أي مجتمع، ولهذا ترتبط تطبيقات تجربة المستخدم بتقديم تجربة جيدة لهذه الشريحة.
يجب أن يكون المنتج موثوقًا للمستخدم، وتلعب تجربة المستخدم الجيدة دورًا في بناء هذه الثقة من خلال طبيعة الفائدة المقدمة والوعود المقطوعة لمستخدم المنتج.
يجب أن تساهم تجربة المستخدم في تحقيق القيمة المطلوبة من المنتج أو الخدمة، فإذا كان المنتج ربحيًا ساهمت التجربة الجيدة في الرفع من عائداته، وإذا كان المنتج غير ربحي ساهمت التجربة الجيدة في تحقيق أهدافه غير الربحية.
رضا العميل جزء لا يتجزأ من نجاح أي منتج، ويأتي مفهوم تجربة المستخدم ليلعب دورًا هامًا في إنجاح العلاقة بين المنتج والعميل، لذا اختارت الشركات التقنية الكبرى الاستثمار بجرأة في تجربة المستخدم لتحقيق أقصى درجات رضا العميل بما يحقق أهدافها من وراء صناعة منتجاتها المختلفة.