ربما تكون قد شعرت في لحظة أن هنالك خللاً ما في تصميم منتجك الرقمي، واختلالاً في تناسقه وبعض أجزائه، ووجدت صعوبة في تحديد مكمن الخلل وسبب غياب الاتساق الذي تشعر به.
ولعلك لم تدرك حينها بأن وجود درجات لونية أُقحمت في التصميم لا تنتمي إلى علامتك التجارية كان لها دور في خلق ذلك الشعور بعدم الاتساق لديك، أو أن زرًا في إحدى الصفحات يظهر بشكل مختلف عن بقية الأزرار ولا تستطيع فهم سبب هذا الاختلاف، أو أنك لم تنتبه لوجود استخدام غير متناغم لخطوط الكتابة في العناوين أو النصوص.
في واقع الأمر، لست الوحيد الذي يعاني من هذه المشكلة أو أمثالها من مشاكل عدم الاتساق، فهي مشكلة عامة عانت منها كبرى الشركات العاملة في المنتجات الرقمية، كمايكروسوفت أو أبل أو جوجل.
هذا الأمر دفع هذه الشركات وشركات أخرى أيضًا إلى البحث عن حلول تساعد في تقديم منتجات رقمية متناسقة، بل وتكون مثالاً جيدًا لكل الراغبين في بناء منتجات مستقبلاً سواء كانوا من داخل الشركة أو من خارجها.
ولأن هذه المشكلة ترتبط بشكل كبير بعملية التصميم كان واضحًا أن الشركات الكبرى قررت أن تغير من سياساتها تجاه مكونات فرقها العاملة على المنتجات الرقمية، فانعكس هذا بصورة زيادة في عدد موظفيها من المصممين خلال العقد الأخير، والتركيز بشكل واضح على توظيف مصممي وباحثي تجربة المستخدم أو الـ UX Designers.
التسلّح بهذا العدد الإضافي من المصممين ساهم في تطوير المبادئ والقواعد والأدلة الخاصة بالمنتجات الرقمية بشكل واضح لدى تلك الشركات، وخلق نوعًا من التكامل بين فرق التصميم والتطوير لديها، ونتيجة لذلك التكامل ظهر ما يسمّى بأنظمة التصميم أو الـ Design System وهو حديثنا في هذه التدوينة.
كما أوضحنا سابقًا فإن مشكلة عدم الاتساق كانت سببًا رئيسًا في بناء نظام التصميم إلا أنها لم تكن المشكلة الوحيدة التي ساعد نظام التصميم في حلها فإلى جانب ذلك ساهم نظام التصميم أيضًا في:
عرفنا فائدة نظام التصميم ولكن ما هو نظام التصميم؟ قد يكون من المناسب قبل التطرّق لتعريف نظام التصميم أن نستعرض مفهومين سبقا نظام التصميم بسنوات وكانا فعليًا ذلك الكيان البدائي الذي تطور لاحقًا ليصبح نظامًا متكاملاً للمنتج الرقمي، هذين المفهومين هما: دليل الهوية ومكتبة الأنماط.
دليل الهوية هو أول المفاهيم المرتبطة بنظام التصميم، يقدّم هذا الدليل مجموعة من القواعد الخاصة بهوية العلامة التجارية، وذلك لخلق نوع من الوحدة والاتساق لكل شيء يرتبط بالعلامة التجارية، سواء كان ذلك على مستوى السمات البصرية أو على مستوى المحتوى بأنواعه الكتابية أو الصوتية أو المرئية، ومن ذلك ما يلي:
طبيعة النبرة المستخدمة للتعبير عن العلامة التجارية مثال ذلك: استخدام كلمات سهلة الفهم أو غريبة، استخدام كلمات عامية أو رسمية، وتنعكس طبيعة النبرة المستخدمة أيضًا على أسلوب الكتابة في المطبوعات أو المنشورات المعبرة عن العلامة التجارية.
ملاحظة: قد تكون التفصيلات المذكورة أعلاه كثيرة ولا تظهر بمثل هذا الكم في كثير من أدلة العلامات التجارية، وهذا طبيعي فليس كل دليل يحتوي على هذه التفصيلات، وربما كان الاحتياج لنصف ما سبق أو أقل، وفي المقابل قد يضطر فريق التصميم لإضافة عناصر أخرى جديدة في الدليل لم تذكر أعلاه، وذلك لاحتياج تفصيلها ووضع قواعد واضحة لاستخدامها، ما يعني أن الدليل وحجمه وتفصيلاته أمر خاضع لطبيعة العلامة التجارية وحجمها وطبيعة تطبيقاتها.
بعد أن استعرضنا دليل الهوية ننتقل لمفهوم آخر وهو مكتبة الأنماط، وتمثّل هذه المكتبة مجموعة من المكونات الرقمية (Components) القابلة لإعادة الاستخدام، وتحتوي مكتبة الأنماط على مكونات بصرية وهي عناصر واجهة المستخدم (UI Elements) بالإضافة إلى الأكواد البرمجية المستخدمة لخلق المكون (Code Snippets)، لهذا عادة ما يكون العمل على مكتبة الأنماط يستلزم فريقًا يضم مصممين ومبرمجين معًا.
ولأن عدد المكونات التي يمكن أن تُضاف في مكتبة الأنماط كبير، ويختلف باختلاف طبيعة المنتج أن كان على الويب أو على الهواتف الذكية أو على الاثنين معًا، فسنذكر هنا بعض أمثلة المكونات التي توجد في مكتبة الأنماط:
تعتمد مكتبة الأنماط على دليل الهوية في تحديد العناصر الأولية للمكونات (Components)، ومن ذلك الألوان المستخدمة في المكونات، نوع الخط المستخدم وأوزانه، المساحات الفارغة، وغير ذلك، ولهذا فإن دليل الهوية (Brand Style Guide) هو حجر الأساس لبناء مكتبة الأنماط ومن ثم لبناء نظام التصميم.
بعد أن استعرضنا مفهوم دليل الهوية ومكتبة الأنماط يمكننا الآن تصوّر التعريف الملائم لنظام التصميم Design System، إذ يُعرّف بأنه دليل شامل يحوي على المبادئ والمعايير والعناصر المستخدمة لتصميم وتطوير المنتج، بطريقة تساعد على خلق الاتساق المطلوب للمنتج إلى جانب تسريع عمليات التصميم والتطوير بجودة عالية. ويشمل ذلك:
وإضافة إلى كل ما سبق فإن نظام التصميم قابل للتوسع بشكل أكبر وذلك تبعًا لعمليات التطوير التي تلحق بالمنتجات الرقمية، وهو ما قد يستلزم وضع مزيد من القواعد والمبادئ التي تؤدي الغرض المطلوب من النظام.
بالمرور على مكونات نظام التصميم يمكن أن ندرك أن عملية إنشاء نظام تصميم متكامل ليست بالعملية اليسيرة أو السريعة، فهي عملية تستلزم جهدًا كبيرًا ومشاركة متنوعة، إلى جانب ذلك فإن طبيعة المنتجات الرقمية المتغيرة والمتطورة باستمرار تجعل من تطوير نظام التصميم عملية مستمرة يجب ألا تنتهي.
ولهذا سيكون على الفريق المسؤول عن نظام التصميم أن يربطه باحتياجات المنتج الرقمي الفعلية، ابتداءً بإنشاء دليل الهوية للجوانب المهمة في هوية المنتج ثم الانتقال إلى مرحلة إنشاء مكتبة الأنماط التي توفر المكونات الملائمة لحجم المنتج واحتياجاته.
نماذج متنوعة لأنظمة تصميم من شركات كبرى: